يقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
والناس يدعونه العاصي هناك وقد أطاع قهرا على حكم المقادير
عصى فلم يسق أرضا من حدائقهم إلا بحيلة وسواس النواعير
وفيما يلي بعض ما قاله الشعراء القدامى والمحدثون في حماة وعاصيها ونواعيرها.
يقول مجير الدين بن تميم :
أيا حسنها روضة ضاع نشرها فنادت عليه في الرياض طيور
ودولابها كادت تعد ضلوعه لكثرة ما يبكي عليها يدور
وناعورة قد ألبست لحيائها من الشمس ثوبا فوق أثوابها الخضر
كطاووس بستان تدور وتنجلي وتنفض عن ارياشها بلل القطر
ودولاب روض كان من قبل أغصنا تميس فلما غيرتها يد الدهر
تذكر عهدا بالرياض فكله عيون على أيام الصبا تجري
وناطقة كلما حركت وليست بناطقة في السكون
تـئن إذا دار دولابها فتطرب سامعها بالأنين
وتبكي وليست بمجزومة بكاء المحب الكئيب الحزين
فتنطق بالصوت لا من فم وتقذف بالدمع لا من جفون
كأن لها ميتا في الثرى فأدمعها همع في كل حين
إذا زمرت أطربت نفسها فغنت بمختلف اللحون
غناء يرقص كيزانها فيظهر فيهن وثب المجون
تأمل إلى الدولاب والنهر إذ جرى ودمعهما بين الرياض غزير
كأن نسيم الروض قد ضاع منهما فأصبح ذا يجرى وذاك يدور
ناعورة مذ ضاع منها قلبها ناحت عليه بأنة وبكاء
و تعللت بلقائه فلأجل ذا جعلت تدير عيونها في الماء
ويقول ابن نباتة المصري :
أحسن بها ناعورة في روضة عن جعفر يروي الهناء ربيعها
هذا وليس يعد موج دموعها وتعد من فرط السقام ضلوعها
وناعورة قالت وقد ضاع قلبها وأضلعها كادت تعد من السقم
أدور على قلبي لأني فقدته وأما دموعي فهي تجرى على جسمي
وناعورة قسمت حسنها على واصف وعلى سامع
وقد ضاع نشر الربى فغدت تدور وتبكي على الضائع
ويقول أبو تمام الحجام الأندلسي :
وذات شدو ومالها كلم كل فتى بالكؤوس حياها
وطار لوح لها فأوقفها كلمحة العين ثم أجراها
كأنها قينة وقد قوطعت تسمع من قال دونها واها
ويقول سليمان بن حسان النصيبي :
كم نعرت بالحمى ناعورة حنينها كالربط الناعر
فتارة تحسبها قينة تردد الزمر مع الزامر
وتارة ثكلى جرى دمعها في مستهل والف ماطر
كأنما كيزانها أنجم دائرة في فلك دائر
ويقول أبو الفرج الموفقي :
ناعورة تحسب في صوتها متيما يشكو إلى زائر
كأنما كيزابها عصبة أصيبوا بريب الزمن الواتر
قد منعوا أن يلتقوا فغدا أولهم يبكي على الآخر
ويقول بدر الدين بن لؤلؤ الذهبي :وروضة دولابها إلى الغصون قد شكا
من حين ضاع نشرها دار عليها وبكى
ويقول عبد السلام المصري :
وروضة دولابها دائر موله من فرط أشجانه
فكله من وجده أعين تبكي على فرقة أغصانه
وقال ابن عبد السلام الدمشقي :
ودولاب روض قد شجانا أنينه وحرك منا لوعه ضمنها حب
ولكنه في بحر عشق جهالة يدور على قلب وليس له قلب
ويقول محمد كمال السراج :
وما من ناعورة وتئن دوما لتشبه مهجتي بالحزن يوما
سقم أضلاعها بالعد تحكي ضلوعي من فراق الإلف سقما
ولكن الأنين وبث شكوى يخفف ما بها وأذوب كتما
وأبكي من لظى نار بقلبي على ألمي وذي تبكي من ألما
وإن مدامعي من ذوب جسمي يجمدها الهوى فتجود نظما
وإن دموعها ماء قراح به تحيا وإن نثرته جما
ويقول ابن القضامي :
وذات شجو أسالت مدامعا لم تصنها
تبكي بفرط دموع ويضحك الروض منها
و يقول محمد بن الحسين الطاوي :
لحنينها حن الفؤاد التائق وبكى الكئيب المستهام الوامق
أنت أنين مغرب عن إلفه ودموعها مثل الجمان سوابق
تبكي ويضحك تحت سيل دموعها زهر تبسم نوره وشقائق
ويقول أبو المعالي سعد بن علي الوراق :
رب ناعورة كأن حبيبا فارقته فقد غدت تحكيني
أبدا هكذا تدور وتبكي بدموع تجري وفرط حنين
ويقول ابن حجة الحموي :
هواي بسفح القاسمية والجسر إذا هب ذاك الريح فهو الهوى العذري
وفقري إلى رشف الرضاب الذي حلى من النهر حلى سائل الدمع في النحر
يروق امتداد الجسر والقصر فوقه فيحلو طباق العيش بالمد والقصر
وقد أصبحت تلك الجزيرة جنة أ لم تنظروا الأنهار من تحتها تحري
تفوق عيون الزهر فوق شطوطها عيون المها بين الرصافة والجسر
وعاص رحيب الصدر قد خر طائعا ودولابه كالقلب يخفق بالصدر
وقد أشبه الخنساء نوحا وأنة وها دمعه قد جاء يبكي على صغر
فيا جيرة العاصي إذا ذقت ماءكم أهيم كأني قد ثملت من السكر
ولولا بقايا طعمه في مذاقي لما ظهرت هذي الحلاوة في شعري
ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
ألا أيها الساري بعزم وهمة لنحو حماة زرت في غاية الأجر
فليست حماة في الورى غير جنة ألم تنظر الأنهار من تحتها تجري
بتنا على النهر في قمر المسرات وللنواعير أنات برنات
فوق المطيع لنا العاصي الذي انبسطت مياهه باضطرابات وموجات
سقى حماه وحيا الله جيرتها من بلدة أشبهت روضات جنات
والجسر بالقرب منا كالصراط بدا ونحن في غرفة ذات ارتفاعات
وللشيخ عبد الغني النابلسي في حماة والعاصي شذرات شعرية أخرى منها:
إن حماة بلدة شريفة ريح الصبا طاب بها مهبه
من جاءها صادف فيها ما اشتهى و إنما حماته تحبه
عاصي حماة هو النهر الذي عذبت مياهه قد عصا في حسن تقدير
شرابه لم تدر أيدي السقاة به إلا على حسن أصوات النواعير
لله نهر به حماة زهت فلذة العيش حسن واديها
حماته لم تزل مطيعة بشربها منه وهو عاصبها
ويقول ابن سعيد الأندلسي :
حمى الله من شطي حماة مناظرا وقفت عليها السمع والفكر والطرفا
تغني حمام أو تميل خمائل وتزهو مياه تمنح الواصف الوصفا
يلومون أن أعصي التصون والنهى بها وأطيع الكاس واللهو والقصفا
إذا كان فيها النهر عاص فكيف لا أحاكيه عصيانا وأشربها صرفا
وأشدو إلى تلك النواعير شدوها وأغلبها رقصا وأشبهها عزفا
تئن وتذري دمعها فكأنما تهيم بمرآها وتسألها العطفا
ويقول الشيخ صباح
حماة التي ما مثلها بلد لكل دان من الأهلين أو قاصي
ترق قلبا لأحوال الغريب لها حتى نواعيرها تبكي على العاصي
ويقول صفي الدين الحلي:
أطعت داعي الهوى رغما عن العاصي لما نزلنا على ناعورة العاصي
والريح تجري رضاء فوق جدولها والطير ما بين بناء وغواص
وقد تلاقت فروع الدوح واشتبكت كأنما الطير فيها فوق أقفاص
ويقول الصافي النجفي :
هذي حماة مدينة سحرية وأنا امرؤ بجمالها مسحور
يا ليت شعري ما أقول بوصفها وحماة شعر كلها وشعور
يا ليت أني كنت فيها طائرا وعلى المناظر كلهن أطير
إن قصر الإنسان في تعميرها فمن الطبيعة كلها معمور
أني مشيت فجنة وخمائل أو أين سرت فأنهر وجسور
حتى خرائبها تلوح كأنها لجلالها السامي البهي قصور
يا ليت أني كنت فيها طائرا وعلى المناظر كلهن أطير
لو كنت أبصر كلها للثمتها وودت كلي أعين وثغور
وكأن شهب الأفق جن بها الدجى نزلت بصاحبها الجميل تدور
وإذا تموج ماؤه رقصت به شهب السماء فعمهن حبور
وترى النجوم تصادمت وتكسرت قطعا كما يتكسر البلور
وكأن نجما راح يلثم ثانيا حتى تمازح أوجه وغور
ويقول حسن الرزق عن طاحونة الغزالة وناعورة الجسرية :
ودولاب رأى حسن الغزالة فرام وصالها فأبت وصاله
ويقول علاء الدين بن غانم :
حماة في بهجتها جنة وهي من الغم لنا جنة
لا تيأسوا من رحمة الله فقد أبصرتم العاصي في الجنة
ويقول بدر الدين الحامد عن الناعورة والعاصي :
الدهر بين يديك دان عجبا لشأنك أي شان
أفنى الجبال وما له بك يا وليدته يدان
أترى أخذت على الزما ن وصرفه عهد الأمان
عاصيك يغسل مطرفيـ ــك وأنت في ظل الجنان
عيناك من قبل المسيـ ـح وأمه نضاحتان
ما أنت يا لدة الخلو د تكلمني فالوقت حان
وإذا الظلام بدا وألـ قى فوق واديك الجران
مثلت عفريتا يزمــ ــجر محنقا ما بين جان
فالأشوس الصنديد إن لقاك في الأسحار هان
نــــاعورة دوارة عاصي حماة بها يزان
أمواه عاصيها تقلـ ــبها فهل هي خيزران
ولها قبيل الفجر تـر جيع يردده المكان
خلدت على مر العصو ر فلن تبيد ولن تهان
ويقول مخاطبا أحمد شوقي عند زيارته بلاد الشام :
أرأيت مثل بلادنا جمالا ما بين مدن زرتها ونواح
وهناك عند أبي الفدا عاص بها يطفي أوام الظامئ الملتاح
ويقول عن العاصي :
تحدرت في الأحقاب من عهد آدم أما يرعك الدهر تترى عجائبه
إذا ما انقضى جيل وودع آخر توليت جيلا في الحياة تصاحبه
كأنك في هذا الوجود مخلد رويدك فالتخليد أعيت مطالبه
أتذكركم حلت حماك فيالق تناوئ من يزري بها وتحاربه
إذا أنت رافقت العصور ولم تزل تصارع آذي الفنا وتغالبه
ألا أيها العاصي بحسبك ما جرى فذلك ماض ودعتنا مثالبه
ويقول منذر لطفي :
بلد طيب وشعب أصيل نهر ضاحك ودنيا بتول
ذاك وادي حماة نبع الجما لات تلفت فكل حسن دليل
ريشة تبدع الرسوم العذارى ألق غامر وظل ظيل
ويقول وليد قنباز :
وحماة لؤلؤتي الجميلة كلما قلبتها في ناظري تتألق
أفقان هذا الكون أفق أخضر غرقت حماة به وأفق أزرق
في جنة للعاشقين فمن رأى قلبا بأجمل جنة يتحرق
ويقول عدنان قيطاز عن الناعورة :
بنت الزمان وأنت آية صنعه من ذا الذي أغراك بالدوران
من عهد آدم لم تزل هتانة عيناك ما فترت عن الهملان
و لم الأنين وأنت في وادي حما محفوفة بالروح والريحان
ويقول ميخائيل بطرس عن العاصي :
أمن السما العليا هبطت إلى الثرى أم من هضاب الدير ماؤك قد جرى
يا نيل سورية وبهجة شعبها من أي عهد سلت فيها كوثرا
ويقول صلاح الدين الصفدي :
لقد نزلنا على العاصي بمنزلة زانت محاسن شطيه حدائقها
تبكي نواعيره العبرى بأدمعها لكونه بعد لقياها يفارقها
ويقول أحد الأعراب :
باتت تحن وما بها و جدي وأحن من وجد إلى وجد
ودموعها تحيا الرياض بها ودموع عيني أحرقت خدي
ويقول أحدهم :
ناعورة في النهر أبصرتها تشوق الداني والقاصي
قد نبهتنا للهدى والتقى لأنها تبكي على العاصي
ويقول آخر :
أيها السائل عني سلبوا العادة مني
كنت أسقى وأغنى صرت أسقي وأغني
وأخر :
وإني على نفسي لأجدر بالبكا إذا كانت الأخشاب تبكي على العاصي
وآخر :
وناعورة أنت فقلت لها اقصري أنينك هذا زاد للقلب في الحزن
فقالت أنيني إذ ظننتك عاشقا ترق لحال الصب قلت لها إني
وأخر :
ناعورة في سيرها ولهانة وحائرة
الماء فوق ظهرها وهي عليه دائرة
وأخر :
أبدى لنا الدولاب قولا مع ندى لما رآنا قادمين إليه
إني من العجب العجاب كما ترى قلبي معي وأنا أدور عليه
وأخر :
ناعورة قالت لنا بأنينها قولا ولا تدري الجواب عليه
كم فيي من عجب يرى مع أنني أبدا أسير ولا أفارق مضجعي
لا راس في جسدي وقلبي ظاهر للناظرين وأعيني في أضلعي
وآخر :
إنما الدولاب في دوره يهيم من شوق وأشجان
ينوح حزنا ويرى باكيا بأعين تهمي على البان
وآخر :
لقد كنت غصنا في الرياض منعما أميس ونصبي أمان في الخفض
فصيرني صرف الزمان كما ترى فبعضي لما لاقيت يبكي على بعضي
وآخر :
لله دولاب يفيض بجدول في روضة قد لأينعت أفنانا
فكأنه دنف يدور بمعهد يبكي ويسأل فيه عمن بانا
ضاقت مجاري جفنه عن دمعه فتفتحت أضلاعه أجفانا
والناس يدعونه العاصي هناك وقد أطاع قهرا على حكم المقادير
عصى فلم يسق أرضا من حدائقهم إلا بحيلة وسواس النواعير
وفيما يلي بعض ما قاله الشعراء القدامى والمحدثون في حماة وعاصيها ونواعيرها.
يقول مجير الدين بن تميم :
أيا حسنها روضة ضاع نشرها فنادت عليه في الرياض طيور
ودولابها كادت تعد ضلوعه لكثرة ما يبكي عليها يدور
وناعورة قد ألبست لحيائها من الشمس ثوبا فوق أثوابها الخضر
كطاووس بستان تدور وتنجلي وتنفض عن ارياشها بلل القطر
ودولاب روض كان من قبل أغصنا تميس فلما غيرتها يد الدهر
تذكر عهدا بالرياض فكله عيون على أيام الصبا تجري
وناطقة كلما حركت وليست بناطقة في السكون
تـئن إذا دار دولابها فتطرب سامعها بالأنين
وتبكي وليست بمجزومة بكاء المحب الكئيب الحزين
فتنطق بالصوت لا من فم وتقذف بالدمع لا من جفون
كأن لها ميتا في الثرى فأدمعها همع في كل حين
إذا زمرت أطربت نفسها فغنت بمختلف اللحون
غناء يرقص كيزانها فيظهر فيهن وثب المجون
تأمل إلى الدولاب والنهر إذ جرى ودمعهما بين الرياض غزير
كأن نسيم الروض قد ضاع منهما فأصبح ذا يجرى وذاك يدور
ناعورة مذ ضاع منها قلبها ناحت عليه بأنة وبكاء
و تعللت بلقائه فلأجل ذا جعلت تدير عيونها في الماء
ويقول ابن نباتة المصري :
أحسن بها ناعورة في روضة عن جعفر يروي الهناء ربيعها
هذا وليس يعد موج دموعها وتعد من فرط السقام ضلوعها
وناعورة قالت وقد ضاع قلبها وأضلعها كادت تعد من السقم
أدور على قلبي لأني فقدته وأما دموعي فهي تجرى على جسمي
وناعورة قسمت حسنها على واصف وعلى سامع
وقد ضاع نشر الربى فغدت تدور وتبكي على الضائع
ويقول أبو تمام الحجام الأندلسي :
وذات شدو ومالها كلم كل فتى بالكؤوس حياها
وطار لوح لها فأوقفها كلمحة العين ثم أجراها
كأنها قينة وقد قوطعت تسمع من قال دونها واها
ويقول سليمان بن حسان النصيبي :
كم نعرت بالحمى ناعورة حنينها كالربط الناعر
فتارة تحسبها قينة تردد الزمر مع الزامر
وتارة ثكلى جرى دمعها في مستهل والف ماطر
كأنما كيزانها أنجم دائرة في فلك دائر
ويقول أبو الفرج الموفقي :
ناعورة تحسب في صوتها متيما يشكو إلى زائر
كأنما كيزابها عصبة أصيبوا بريب الزمن الواتر
قد منعوا أن يلتقوا فغدا أولهم يبكي على الآخر
ويقول بدر الدين بن لؤلؤ الذهبي :وروضة دولابها إلى الغصون قد شكا
من حين ضاع نشرها دار عليها وبكى
ويقول عبد السلام المصري :
وروضة دولابها دائر موله من فرط أشجانه
فكله من وجده أعين تبكي على فرقة أغصانه
وقال ابن عبد السلام الدمشقي :
ودولاب روض قد شجانا أنينه وحرك منا لوعه ضمنها حب
ولكنه في بحر عشق جهالة يدور على قلب وليس له قلب
ويقول محمد كمال السراج :
وما من ناعورة وتئن دوما لتشبه مهجتي بالحزن يوما
سقم أضلاعها بالعد تحكي ضلوعي من فراق الإلف سقما
ولكن الأنين وبث شكوى يخفف ما بها وأذوب كتما
وأبكي من لظى نار بقلبي على ألمي وذي تبكي من ألما
وإن مدامعي من ذوب جسمي يجمدها الهوى فتجود نظما
وإن دموعها ماء قراح به تحيا وإن نثرته جما
ويقول ابن القضامي :
وذات شجو أسالت مدامعا لم تصنها
تبكي بفرط دموع ويضحك الروض منها
و يقول محمد بن الحسين الطاوي :
لحنينها حن الفؤاد التائق وبكى الكئيب المستهام الوامق
أنت أنين مغرب عن إلفه ودموعها مثل الجمان سوابق
تبكي ويضحك تحت سيل دموعها زهر تبسم نوره وشقائق
ويقول أبو المعالي سعد بن علي الوراق :
رب ناعورة كأن حبيبا فارقته فقد غدت تحكيني
أبدا هكذا تدور وتبكي بدموع تجري وفرط حنين
ويقول ابن حجة الحموي :
هواي بسفح القاسمية والجسر إذا هب ذاك الريح فهو الهوى العذري
وفقري إلى رشف الرضاب الذي حلى من النهر حلى سائل الدمع في النحر
يروق امتداد الجسر والقصر فوقه فيحلو طباق العيش بالمد والقصر
وقد أصبحت تلك الجزيرة جنة أ لم تنظروا الأنهار من تحتها تحري
تفوق عيون الزهر فوق شطوطها عيون المها بين الرصافة والجسر
وعاص رحيب الصدر قد خر طائعا ودولابه كالقلب يخفق بالصدر
وقد أشبه الخنساء نوحا وأنة وها دمعه قد جاء يبكي على صغر
فيا جيرة العاصي إذا ذقت ماءكم أهيم كأني قد ثملت من السكر
ولولا بقايا طعمه في مذاقي لما ظهرت هذي الحلاوة في شعري
ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
ألا أيها الساري بعزم وهمة لنحو حماة زرت في غاية الأجر
فليست حماة في الورى غير جنة ألم تنظر الأنهار من تحتها تجري
بتنا على النهر في قمر المسرات وللنواعير أنات برنات
فوق المطيع لنا العاصي الذي انبسطت مياهه باضطرابات وموجات
سقى حماه وحيا الله جيرتها من بلدة أشبهت روضات جنات
والجسر بالقرب منا كالصراط بدا ونحن في غرفة ذات ارتفاعات
وللشيخ عبد الغني النابلسي في حماة والعاصي شذرات شعرية أخرى منها:
إن حماة بلدة شريفة ريح الصبا طاب بها مهبه
من جاءها صادف فيها ما اشتهى و إنما حماته تحبه
عاصي حماة هو النهر الذي عذبت مياهه قد عصا في حسن تقدير
شرابه لم تدر أيدي السقاة به إلا على حسن أصوات النواعير
لله نهر به حماة زهت فلذة العيش حسن واديها
حماته لم تزل مطيعة بشربها منه وهو عاصبها
ويقول ابن سعيد الأندلسي :
حمى الله من شطي حماة مناظرا وقفت عليها السمع والفكر والطرفا
تغني حمام أو تميل خمائل وتزهو مياه تمنح الواصف الوصفا
يلومون أن أعصي التصون والنهى بها وأطيع الكاس واللهو والقصفا
إذا كان فيها النهر عاص فكيف لا أحاكيه عصيانا وأشربها صرفا
وأشدو إلى تلك النواعير شدوها وأغلبها رقصا وأشبهها عزفا
تئن وتذري دمعها فكأنما تهيم بمرآها وتسألها العطفا
ويقول الشيخ صباح
حماة التي ما مثلها بلد لكل دان من الأهلين أو قاصي
ترق قلبا لأحوال الغريب لها حتى نواعيرها تبكي على العاصي
ويقول صفي الدين الحلي:
أطعت داعي الهوى رغما عن العاصي لما نزلنا على ناعورة العاصي
والريح تجري رضاء فوق جدولها والطير ما بين بناء وغواص
وقد تلاقت فروع الدوح واشتبكت كأنما الطير فيها فوق أقفاص
ويقول الصافي النجفي :
هذي حماة مدينة سحرية وأنا امرؤ بجمالها مسحور
يا ليت شعري ما أقول بوصفها وحماة شعر كلها وشعور
يا ليت أني كنت فيها طائرا وعلى المناظر كلهن أطير
إن قصر الإنسان في تعميرها فمن الطبيعة كلها معمور
أني مشيت فجنة وخمائل أو أين سرت فأنهر وجسور
حتى خرائبها تلوح كأنها لجلالها السامي البهي قصور
يا ليت أني كنت فيها طائرا وعلى المناظر كلهن أطير
لو كنت أبصر كلها للثمتها وودت كلي أعين وثغور
وكأن شهب الأفق جن بها الدجى نزلت بصاحبها الجميل تدور
وإذا تموج ماؤه رقصت به شهب السماء فعمهن حبور
وترى النجوم تصادمت وتكسرت قطعا كما يتكسر البلور
وكأن نجما راح يلثم ثانيا حتى تمازح أوجه وغور
ويقول حسن الرزق عن طاحونة الغزالة وناعورة الجسرية :
ودولاب رأى حسن الغزالة فرام وصالها فأبت وصاله
ويقول علاء الدين بن غانم :
حماة في بهجتها جنة وهي من الغم لنا جنة
لا تيأسوا من رحمة الله فقد أبصرتم العاصي في الجنة
ويقول بدر الدين الحامد عن الناعورة والعاصي :
الدهر بين يديك دان عجبا لشأنك أي شان
أفنى الجبال وما له بك يا وليدته يدان
أترى أخذت على الزما ن وصرفه عهد الأمان
عاصيك يغسل مطرفيـ ــك وأنت في ظل الجنان
عيناك من قبل المسيـ ـح وأمه نضاحتان
ما أنت يا لدة الخلو د تكلمني فالوقت حان
وإذا الظلام بدا وألـ قى فوق واديك الجران
مثلت عفريتا يزمــ ــجر محنقا ما بين جان
فالأشوس الصنديد إن لقاك في الأسحار هان
نــــاعورة دوارة عاصي حماة بها يزان
أمواه عاصيها تقلـ ــبها فهل هي خيزران
ولها قبيل الفجر تـر جيع يردده المكان
خلدت على مر العصو ر فلن تبيد ولن تهان
ويقول مخاطبا أحمد شوقي عند زيارته بلاد الشام :
أرأيت مثل بلادنا جمالا ما بين مدن زرتها ونواح
وهناك عند أبي الفدا عاص بها يطفي أوام الظامئ الملتاح
ويقول عن العاصي :
تحدرت في الأحقاب من عهد آدم أما يرعك الدهر تترى عجائبه
إذا ما انقضى جيل وودع آخر توليت جيلا في الحياة تصاحبه
كأنك في هذا الوجود مخلد رويدك فالتخليد أعيت مطالبه
أتذكركم حلت حماك فيالق تناوئ من يزري بها وتحاربه
إذا أنت رافقت العصور ولم تزل تصارع آذي الفنا وتغالبه
ألا أيها العاصي بحسبك ما جرى فذلك ماض ودعتنا مثالبه
ويقول منذر لطفي :
بلد طيب وشعب أصيل نهر ضاحك ودنيا بتول
ذاك وادي حماة نبع الجما لات تلفت فكل حسن دليل
ريشة تبدع الرسوم العذارى ألق غامر وظل ظيل
ويقول وليد قنباز :
وحماة لؤلؤتي الجميلة كلما قلبتها في ناظري تتألق
أفقان هذا الكون أفق أخضر غرقت حماة به وأفق أزرق
في جنة للعاشقين فمن رأى قلبا بأجمل جنة يتحرق
ويقول عدنان قيطاز عن الناعورة :
بنت الزمان وأنت آية صنعه من ذا الذي أغراك بالدوران
من عهد آدم لم تزل هتانة عيناك ما فترت عن الهملان
و لم الأنين وأنت في وادي حما محفوفة بالروح والريحان
ويقول ميخائيل بطرس عن العاصي :
أمن السما العليا هبطت إلى الثرى أم من هضاب الدير ماؤك قد جرى
يا نيل سورية وبهجة شعبها من أي عهد سلت فيها كوثرا
ويقول صلاح الدين الصفدي :
لقد نزلنا على العاصي بمنزلة زانت محاسن شطيه حدائقها
تبكي نواعيره العبرى بأدمعها لكونه بعد لقياها يفارقها
ويقول أحد الأعراب :
باتت تحن وما بها و جدي وأحن من وجد إلى وجد
ودموعها تحيا الرياض بها ودموع عيني أحرقت خدي
ويقول أحدهم :
ناعورة في النهر أبصرتها تشوق الداني والقاصي
قد نبهتنا للهدى والتقى لأنها تبكي على العاصي
ويقول آخر :
أيها السائل عني سلبوا العادة مني
كنت أسقى وأغنى صرت أسقي وأغني
وأخر :
وإني على نفسي لأجدر بالبكا إذا كانت الأخشاب تبكي على العاصي
وآخر :
وناعورة أنت فقلت لها اقصري أنينك هذا زاد للقلب في الحزن
فقالت أنيني إذ ظننتك عاشقا ترق لحال الصب قلت لها إني
وأخر :
ناعورة في سيرها ولهانة وحائرة
الماء فوق ظهرها وهي عليه دائرة
وأخر :
أبدى لنا الدولاب قولا مع ندى لما رآنا قادمين إليه
إني من العجب العجاب كما ترى قلبي معي وأنا أدور عليه
وأخر :
ناعورة قالت لنا بأنينها قولا ولا تدري الجواب عليه
كم فيي من عجب يرى مع أنني أبدا أسير ولا أفارق مضجعي
لا راس في جسدي وقلبي ظاهر للناظرين وأعيني في أضلعي
وآخر :
إنما الدولاب في دوره يهيم من شوق وأشجان
ينوح حزنا ويرى باكيا بأعين تهمي على البان
وآخر :
لقد كنت غصنا في الرياض منعما أميس ونصبي أمان في الخفض
فصيرني صرف الزمان كما ترى فبعضي لما لاقيت يبكي على بعضي
وآخر :
لله دولاب يفيض بجدول في روضة قد لأينعت أفنانا
فكأنه دنف يدور بمعهد يبكي ويسأل فيه عمن بانا
ضاقت مجاري جفنه عن دمعه فتفتحت أضلاعه أجفانا