السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في يوم تتجلى فيه مصاعب الحياة وهموم النفس الامتناهية ،
جلست وحيدا ، أحسست بموجة حزن تجتاح قلبي .. ضيق لا اعرف
مصدره ..وكأن بذرة من الألم غرست في صدري .. دخلت غرفتي وألقيت
بجسمي النحيل على تلك الأريكة المهترئة .. ثم غرقت في سكون
كئيب ..ما زلت في حالة من الاختناق ..غيوم داكنة متكاثفة في
نفسي.. مددت يدي إلي ذلك المصحف الشريف وضممته بحرارة ..
نظرت إلي صفحاته .. رتلت بعض الآيات الكريمة ... شعرت بلذة
جميلة .. وهدوء نوراني أخذ بمجامع روحي ....تنفست ملأ صدري
وتلفظت بالاستغفار .. ثم ناديت الله بصوت منكسر.. يارب ..
يارب .. ثم عدت إلى صمتي .. تشابكت صور متلاحقة في رأسي ..
مشاهد كثيرة .. تذكرت قريتنا الصغيرة ولياليها الساهرة ..
مسجدنا الكبير .. والمئذنة القديمة .. صوت المؤذن الشجي يتدفق
بمقام الصبا ليَوقظ غفلة المسوّفين .. لوحات كثيرة ومتقطعة ..
تذكرت بالأمس مشهدا لخطبة الجمعة من ذلك الشيخ الوقور وما حدث
معي حينئذ . لقد كنا في صمت مهيب.. وخشوع يملأ المسجد .. وصوت
الشيخ يجلجل بالحذر من الموت ..كانت ضربات قلبي تتلاحق بسرعة غير
عادية ..حتى سمعت أنينا متقطعا يتعالى شيئا فشيئا من شاب
يجاورني ..رعشة أصابت جسدي .. يجب أن أنصت .. انه يقول أشياء
كثيرة تشدني .. فجأة أجدني أنصت للخطيب باهتمام وهو يقول :
(يا عباد الله ، لايمنع الموت بابٌ ولاحرس ،الموت بابٌ وكل الناس
داخله ، الموت كاسٌ وكل الناس شاربه ، والموت حوضٌ وكل الناس
وارده ، كل نفس ذائقة الموت ..كم خطف الموت أبنا من أبيه
وقريبا من قريبه وحبيبا من حبيبه وقائدا من جنده وأستاذا من
تلاميذه .من منا ياعباد الله عنده موعد بوقت الموت ومتى سيزوره ؟
إن علامة الموت هو الميلاد ، إذا ولد الإنسان كان ذلك علامة على
وجود نهاية وهي الموت .فيا عجبا من الذين يحتفلون بأعياد
ميلادهم.. كان من الأحرى بهم أن يتفكروا في يوم ميلادهم وقرب
آجالهم ..انظروا قبل أيام معدودة كيف رحل ابننا الشاب عمر
رحمه الله بسبب ذلك الحادث المروري العجيب ، انه لم يكمل مرحلة
الثانوية العامة بعد.. ولكن ساعة الفراق قد حان وقوعها ،
يا عباد الله... لقد قرأت رسالة من الشاب عمر رحمه الله بعثها
إلى هاتف صديقه أحمد قبل وفاته بيوم واحد، هذه الرسالة تكفي
أن تكون موعظة لكل شاب وشابة يؤمن بيوم الحساب ، رسالة لكل
تائه عن طريق النُور، رسالة كلما قرأت معانيها يغمرني شعور
بأن المسافر في هذه الدنيا الفانية لابد وأن يتجهز لحمل زاده
ومحاسبة نفسه ،رسالة وُجِدَت على هاتف صديقه أحمد وكم ذهلنا
وبكينا عندما قرأنا تلك الكلمات المؤثرة ، تقول الرسالة :
صديقي أحمد ، تخيّل أني اختفيت ،وأنّك اتصلت بي وأنا ما رَدَدت،
وجاءك الخبر أني تَوفيت ،ووقفت على قبري وبَكيت ،وبعدها رأيت
رقمي عندك وحَنيت ، فما هو رَدُك ؟! ).. انتهت رسالة عمر
وخطبة الجمعة .. وانتهى المشهد من مخيلتي..فركت عيني .. هممت
بالنهوض عن أريكتي لكني عدت إلي صمتي من جديد ..عاد المشهد
من جديد ، هززت رأسي ، تمتمت في أعماقي قائلا : تخيّل أني
اختفيت... تخيّل أني اختفيت..
منقول
في يوم تتجلى فيه مصاعب الحياة وهموم النفس الامتناهية ،
جلست وحيدا ، أحسست بموجة حزن تجتاح قلبي .. ضيق لا اعرف
مصدره ..وكأن بذرة من الألم غرست في صدري .. دخلت غرفتي وألقيت
بجسمي النحيل على تلك الأريكة المهترئة .. ثم غرقت في سكون
كئيب ..ما زلت في حالة من الاختناق ..غيوم داكنة متكاثفة في
نفسي.. مددت يدي إلي ذلك المصحف الشريف وضممته بحرارة ..
نظرت إلي صفحاته .. رتلت بعض الآيات الكريمة ... شعرت بلذة
جميلة .. وهدوء نوراني أخذ بمجامع روحي ....تنفست ملأ صدري
وتلفظت بالاستغفار .. ثم ناديت الله بصوت منكسر.. يارب ..
يارب .. ثم عدت إلى صمتي .. تشابكت صور متلاحقة في رأسي ..
مشاهد كثيرة .. تذكرت قريتنا الصغيرة ولياليها الساهرة ..
مسجدنا الكبير .. والمئذنة القديمة .. صوت المؤذن الشجي يتدفق
بمقام الصبا ليَوقظ غفلة المسوّفين .. لوحات كثيرة ومتقطعة ..
تذكرت بالأمس مشهدا لخطبة الجمعة من ذلك الشيخ الوقور وما حدث
معي حينئذ . لقد كنا في صمت مهيب.. وخشوع يملأ المسجد .. وصوت
الشيخ يجلجل بالحذر من الموت ..كانت ضربات قلبي تتلاحق بسرعة غير
عادية ..حتى سمعت أنينا متقطعا يتعالى شيئا فشيئا من شاب
يجاورني ..رعشة أصابت جسدي .. يجب أن أنصت .. انه يقول أشياء
كثيرة تشدني .. فجأة أجدني أنصت للخطيب باهتمام وهو يقول :
(يا عباد الله ، لايمنع الموت بابٌ ولاحرس ،الموت بابٌ وكل الناس
داخله ، الموت كاسٌ وكل الناس شاربه ، والموت حوضٌ وكل الناس
وارده ، كل نفس ذائقة الموت ..كم خطف الموت أبنا من أبيه
وقريبا من قريبه وحبيبا من حبيبه وقائدا من جنده وأستاذا من
تلاميذه .من منا ياعباد الله عنده موعد بوقت الموت ومتى سيزوره ؟
إن علامة الموت هو الميلاد ، إذا ولد الإنسان كان ذلك علامة على
وجود نهاية وهي الموت .فيا عجبا من الذين يحتفلون بأعياد
ميلادهم.. كان من الأحرى بهم أن يتفكروا في يوم ميلادهم وقرب
آجالهم ..انظروا قبل أيام معدودة كيف رحل ابننا الشاب عمر
رحمه الله بسبب ذلك الحادث المروري العجيب ، انه لم يكمل مرحلة
الثانوية العامة بعد.. ولكن ساعة الفراق قد حان وقوعها ،
يا عباد الله... لقد قرأت رسالة من الشاب عمر رحمه الله بعثها
إلى هاتف صديقه أحمد قبل وفاته بيوم واحد، هذه الرسالة تكفي
أن تكون موعظة لكل شاب وشابة يؤمن بيوم الحساب ، رسالة لكل
تائه عن طريق النُور، رسالة كلما قرأت معانيها يغمرني شعور
بأن المسافر في هذه الدنيا الفانية لابد وأن يتجهز لحمل زاده
ومحاسبة نفسه ،رسالة وُجِدَت على هاتف صديقه أحمد وكم ذهلنا
وبكينا عندما قرأنا تلك الكلمات المؤثرة ، تقول الرسالة :
صديقي أحمد ، تخيّل أني اختفيت ،وأنّك اتصلت بي وأنا ما رَدَدت،
وجاءك الخبر أني تَوفيت ،ووقفت على قبري وبَكيت ،وبعدها رأيت
رقمي عندك وحَنيت ، فما هو رَدُك ؟! ).. انتهت رسالة عمر
وخطبة الجمعة .. وانتهى المشهد من مخيلتي..فركت عيني .. هممت
بالنهوض عن أريكتي لكني عدت إلي صمتي من جديد ..عاد المشهد
من جديد ، هززت رأسي ، تمتمت في أعماقي قائلا : تخيّل أني
اختفيت... تخيّل أني اختفيت..
منقول